الريع في قطاع زيت الزيتون
يعتبر قطاع زيت الزيتون أحد أهم القطاعات الحيوية التي تساهم في تنشيط الدورة الإقتصادية التونسية. إذ تغطي زراعة الزياتين ثلث الأراضي الفلاحية التونسية (86 مليون زيتونة على إمتداد 1,8 م.هك) وهو مايجعل هذا القطاع ركيزة أساسية للقطاع الفلاحي في تونس يساهم تقريباً ب3% من الناتج الخام
وعلى أهميته الإقتصادية فضلاً على تأصله في ثقافتنا الوطنية، لا يزال الفاعلين في قطاع زيت الزيتون خاصةً الفلاحين منهم يعانون من عديد الصعوبات
رغم جودته العالية وحصوله على عديد الجوائز العالمية، إلا أن زيت الزيتون التونسي يتم ترويجه تحت ماركات أجنبية. إذ يتم تصدير منتوجنا الوطني خاصةً الزيت من فئة “الشعال” دون قيمة مضافة تذكر إلى منتجين اوروبين داخل الإتحاد الأوروبي الذين يتولون ترويجه للأسواق العالمية كمنتج أوروبي
كما يستعمل زيت الزيتون التونسي لتكرير الزيوت الإيطالية والإسبانية، حيث يخلو الزيت التونسي من الرواسب الكيميائية وهو ما يجعل الشركات الأوروبية أساساً تتهافت عليه بهدف إستعماله لتخفيض رواسب منتجاتهم مما يمكنهم من تسويق زيتهم دون تجاوز شروط السلامة التي تفرضها الأسواق العالمية
يمثل نشاط تصدير الزيت غير المعلب 89% من صادراتنا. وهو ما يعتبر إستغلالاً وضحاً للزيت التونسي. كما تشكل هذه الممارسة عائقاً أمام تثمين هذا المنتوج و ترويجه في الأسواق العالمية. في حين يمكن أن تمثل عملية تحقيق القيمة المضافة فرصة لخلق مواطن شغل دخل السوق التونسية . رغم ذلك نجد أنفسنا اليوم عاجزين عن المحافظة على مواطن الشغل المرتبطة بهذا القطاع خاصةً تلك الموجودة في الحلقة الأولى من سلسلة الإنتاج بسبب ضعف دخل الفلاح
إذ يعتبر تواطؤ الدولة مع لوبيات تصدير الزيت سبباً أساسياً في الإهدار الحاصل. حيث حقق هؤلاء كل مساعيهم تحت رعاية اتحاد الصناعة والتجار و بمساهمة كراس شروط مجحف للتصدير و تدابير إدارية مشطة كما تم مؤخرا رفض عرض زيادة الاتحاد الأوروبي لحصة تصدير الزيت التونسي لأنه اشترط زيادة في حصة تسند للزيت المعلب مما لا يلائم مصالحهم
إذ لا يقتصر حل هذا الإشكال فقط على تشجيع التعليب بل على ضرب كل من غلب مصالحه الشخصية على المصلحة العامة بيد من حديد
فرض تكرير زيت الزيتون البكر من فئة الشعال في تونس
إن فرض تكرير زيت الزيتون البكر من فئة الشعال في تونس قبل تصديره يعتبر خطوة أساسية لحث المستثمرين في قطاع تكرير الزيت على الإستثمار أولاً و تثمين الزيت التونسي وخلق قيمة مضافة أعلى ثانياً مما يمكننا من خلق مواطن شغل .و هي تجربة خاضتها عدة دول ناشئة في مجال زيت الزيتون على غرار تركيا في 2001 و التي تمكنت في وقت قصير من نحت اسم لها في السوق العالمية
يجب مراجعة القوانين المنظمة للقطاع الى جانب الاتفاقيات الثنائية في مجال التصدير زيت الزيتون و إعطاء الأولوية للزيت المعلب للتمتع بالحصص التي يقرها الاتحاد الأوروبي وهي تقارب 51 الف طن فقط
تعتبر المنظمة أن كراس شروط الحالي و الإجراءات الإدارية تعجيزية و تمكن هذه اللوبيات من الاحتكار حيث يصدر أقل من 10% من المصدرين أكثر من 70% من الزيت و نخص بالذكر الشروط التالية
الفصل 7 من كراس الشروط
700.000 دينار كرأس مال ادنى لممارسة هذا النشاط –
100 طن كطاقة خزن دنيا لكل محل خزن –
تجهيز او التعاقد مع مخبر تحاليل مصادق عليه عادة ما يكون على ملك أحد المنافسين –
الفصل 14 من كراس الشروط
تصدير 500 طن سنويا على الأقل حتى لا يقع سحب رخصة التصدير –
علاوة على دخول الكراس في عدة تفاصيل تقنية على مستوى التخزين و التي لا يقع مراجعتها دوريا على ضوء التطورات الحاصلة في معايير السلامة العالمية وهو ماقد يجعل كراس الشروط في انفصال عن الزمن
فرض نسبة من الصادرات من الزيت المعلب على كل مصدري الزيت السائ
يجب اضافة شرط في كراس الشروط يلزم مصدري الزيت السائب على تصدير نسبة دنيا من الزيت المعلب في المقابل و يتم تطبيق هذا الشرط بصفة تدريجية
كما وجب التنويه أن هذه الشركات المصدرة هي شركات مملوكة بالشراكة بين رجال اعمال تونسيين وأجانب من جنسيات إسبانية او إيطاليا على غرار شركة “BORGÈS” و التي تحتل صدارة مصدري زيت الزيتون غير المعلب بأكثر من 50% وهي فرع من شركة اسبانية رائدة في إنتاج زيت الزيتون. إذ تستغل هذه الشركة فرعها في تونس لتصدير منتوجنا الوطني لغاية التكرير بالخارج و تختبئ وراء نظام ال “OFFSHORE” لعدم إعادة العملة الصعبة الى تونس بعد ذلك
عمل أصحاب القرار في تونس على ان يكون زيت الزيتون مصدرا للعملة الصعبة فقط ودون أن يكون موجها الى الاستهلاك الوطني. مقارنة بالبلدان المنتجة لزيت الزيتون يعتبر المواطن التونسي أقل مواطن يستهلك زيت الزيتون حيث أن إستهلاك البلدان المنتجة مثل اليونان إيطاليا و إسبانيا يناهز 20 كغ/ساكن/عام ، في حين لا يتجاوز استهلاك المواطن التونسي 4 كغ/عام/ساكن
نريد التنويه أن هذا المعدل الضعيف و الغير معقول هو نتيجة سنوات من كذب ممنهج تمثل في حملات بروباغاندا في العقود الماضية تخللت عدة مغالطات علمية كان الهدف منها إقناع التونسيين بأن الزيت النباتي يحتوي فوائد صحية أكثر من زيت الزيتون بل وتواصل هذا التوجه من خلال توجيه الدعم للزيوت النباتية و توريد و تسويق زيت النخيل الذي يعتبر خطرا على صحة الإنسان و الذي وقع منعه في عدة دول على غرار دول الإتحاد الأوروبي
هذه المنظومة حرمت المواطن من استهلاك زيت صحي كما حدت من تطوير و تنويع استعمالاته و جعلت الفلاحين وصغار المتدخلين في القطاع تحت سيطرة كبار المصدرين الآنف ذكرهم
إن إستراتيجية التعامل مع هذا المنتوج يجب أن تتغير وذلك عبر المرور من دولة تنتج بهدف التصدير إلى دولة تنتج وتستهلك ثم تصدر الفائض. يمر هذا عبر رفع الدعم عن الزيت النباتي المورد و توجيهه الى زيت الزيتون المكرر المعد للاستهلاك المحلي. من شأن هذا الاجراء ان يمكن التونسيين من التمتع بخيرات بلادهم و من سحب بساط الدعم من تحت كبار الموردين و ان يوجه الى منتجين هم في حاجة إليه كما يمكننا من ربح العمل الصعبة. سيمثل هذا القرار ايضا متنفسا للفلاحين حيث من شأنه أن يقلل مشقة تسويق المنتوج.
لتحقيق هذه النتائج يجب طبعا السهر على ضمان المنافسة الشريفة داخل السوق ومقاومة الاحتكار مثلما هو الحال لكل الأسواق الأخرى.
تمكين صغار الفلاحين من تخزين الزيت بمخازن الديوان الوطني للزيت و استخلاص المعاليم عند البيع أو إستعمال الزيت يمكن أن يحد من الإبتزاز من قبل رجال الأعمال. حيث ان الاستثمار كلفته باهظة ولا يمكن للفلاح أن يستثمر في التخزين لهذا يجد نفسه مجبرا للبيع بأثمان لا تغطي كلفة الإنتاج في بعض الأحيان
أخيرا نؤكد على ضرورة الكف من تهميش وإهمال الفلاح و المحافظة على المشاتل التونسية حيث شهدت الخمس سنوات الاخيرة موجة من استبدال المشاتل التونسية الاصيلة باخرى اسبانية و يونانية و غيرها مع تشجيع الدولة لهذا التخريب الجيني على استعمال الماء في زراعات و غراسات كانت سابقا زراعات بعلية على رأسها الزيتون ،مع العلم ان تونس تواجه خطر الجفاف كما أن الشتلات الاجنبية عرضة للأمراض ما ياثر بإستعمال مكثف للمبيدات على التوازن البيئي و يحقق ربحا لموردي للأدوية والمبيدات كما يخلق تبعية للخارج.